عرّفت الموسوعة البريطانية الفن على أنّه استخدام التصوّر والمهارة لخلق نتاجات جمالية أو التعبير عن تجارب شعورية أو تهيئة مناخات تتسّم بالحس الجماليّ، أمّا موسوعة إينكارتا فتعرّفه بأنّه نتاج النشاط البشريّ الإبداعيّ الذي يستغلّ الوسائل المادية وغير المادية ليعبّر عن الأفكار والعواطف والمشاعر الإنسانية، إلّا أنّ هناك العديد من التساؤلات التي تحقق صعوبة في إيجاد تعريف شامل وكافٍ للفن منها: من الذي يحكم أنّ النتاج الحاصل هو نتاج فنيّ أم لا؟ وهل هناك شروط ومواصفات معيّنة على النتاج الفنيّ اكتسابها لكي يعدّ نتاجاً فنياً؟
ارتباط مفهوم الفن بالتشكيلمن الجدير بالذكر أنّ معنى الفن يرتبط بالتشكيل -عدا عن ارتباطه بالمهارة-، والتشكيل هو المفهوم الناتج عن فعل التوليف والتركيب بشكلٍ تنسيقيّ، إضافة إلى ما يحيط التوليف من الخلق، والابتكار والإبداع، وهذا المفهوم هو ما يُشير تحديداً إلى ما يُعرف بالفنون الجميلة، وهو المصطلح الذي اعتمدته أول أكاديمية للفنون في باريس لعام 1648م، وكان سبب اختيار هذا المصطلح هو التمييز بين الفنون الجميلة التي تضم الرسم، والنحت والعمارة عن غيرها من الفنون، إلّا أنّ هذا الحصر للمصطلح لم يسلم من الانتقادات والإشكالات، حيث هناك فرق بين الفنون الجميلة البحتة والفنون الجميلة التطبيقية، ويستأثر كلاً منهما بمقام اجتماعيّ مختلف، ويحمل تقييماً تبعاً لذلك المقام ونُشير هنا إلى أنّ الفنون الجميلة البحتة تتركّز خصوصيتها في التعبير الذاتي الإبداعي للفنّان، بحيث يبيّن الحاجات الفكرية والنفسية للمجتمع، وهي بهذا تختلف عن الحرف الفنيّة التي تتميز بالطابع العمليّ والذي يعبّر عن الحاجات الاستعمالية للإنسان.
الفن ظاهرة اجتماعيةلا يمكن تحديد الفن بمعنى مفرد لأنّه منظومة للعديد من المفاهيم التي تشتمل على جوانب مختلفة رغم ارتباطها برابط واحد، وهذا القول أدّى إلى نشوء وجهة نظر تنصّ على أنّ الفنّ إحدى الظواهر الاجتماعية التي تستمد وجودها وتأخذ شرعيتها من ارتباطها المؤسسيّ بالمنظومات الاجتماعية، خصوصاً تلك المنظومات التي تختص بسلطة الفن مثل: المتاحف، وصالات العرض، والنقاد، والمؤرخين والصحفيين.
الفن والعلم